![]() |
أطفال الشوارع في مصر: من التشرد إلى استغلال السوشيال ميديا |
وجوه منسية في زحام المدينة:
في شوارع القاهرة المزدحمة، تختلط أصوات السيارات بصيحات الأطفال الذين يبيعون المناديل أو يمسحون زجاج السيارات. هؤلاء الأطفال، الذين يُطلق عليهم "أطفال الشوارع في مصر"، يعيشون حياة قاسية مليئة بالتحديات والمخاطر. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت ظاهرة جديدة تتمثل في استغلال معاناة هؤلاء الأطفال لتحقيق أرباح ومشاهدات عالية، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد القانونية والأخلاقية لهذه الممارسات.
الواقع المؤلم - حياة على الهامش:
تشير الدراسات إلى أن أطفال الشوارع في مصر يواجهون العديد من المخاطر، بما في ذلك العنف والاستغلال الجنسي والجسدي، والاتجار بالبشر. كما أنهم معرضون للانحراف، والجريمة بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها.
استغلال رقمي تحت غطاء "الخير":
انتشرت مؤخرًا مقاطع فيديو على منصات مثل "يوتيوب" و"تيك توك" تُظهر أشخاصًا يقدمون مساعدات لأطفال الشوارع. لكن خلف هذه الصور الإنسانية الظاهرة، يكمن استغلال واضح للأطفال، حيث يتم تصويرهم دون موافقتهم أو فهمهم للغرض من التصوير، مما يعرضهم لانتهاكات إضافية. يُستخدم هؤلاء الأطفال كوسيلة لجذب المشاهدات والتربح، تحت ستار "العمل الخيري"، دون مراعاة لحقوقهم وكرامتهم.
ردود فعل حقوقية : أصوات تنادي بالحماية:
أشارت النائبة أمل سلامة، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري، إلى أن استغلال الأطفال في هذه الفيديوهات يُعد انتهاكًا واضحًا لحقوق الطفل، مؤكدة ضرورة تغليظ العقوبات على من يستغلون الأطفال في محتوى رقمي لتحقيق أرباح.
كما أشار تقرير صادر عن مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية، وحقوق الإنسان إلى أن ظاهرة استخدام الأطفال من قبل ذويهم لتحقيق أرباح عبر يوتيوب/ ومواقع التواصل الاجتماعي تمثل إشكالية كبيرة في المجتمع المصري، حيث يسعى العديد منهم للربح السريع على حساب براءة الأطفال.
تحركات برلمانية نحو تشريعات صارمة:
طالبت النائبة أمل سلامة بتغليظ العقوبات على من يستغلون الأطفال في محتوى رقمي لتحقيق أرباح، معتبرة أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الطفل ويجب مواجهتها بحزم.
جهود حكومية ومجتمعية - خطوات نحو الحل:
أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع صندوق "تحيا مصر" برنامجًا يهدف إلى إعادة تأهيل ودمج أطفال الشوارع في المجتمع، حيث تم التعامل مع أكثر من 16 ألف طفل منذ عام 2017، وتوفير الرعاية والتعليم لهم. كما تم إطلاق وحدات متنقلة لتقديم الدعم للأطفال في الشوارع، وتوفير احتياجاتهم الأساسية.
قصص من الواقع - أصوات منسية:
في أحد تقاطعات القاهرة، يقف الطفل كريم، البالغ من العمر 12 عامًا، يبيع المناديل للمارة. يقول كريم: "كنت أذهب إلى المدرسة، لكن بعد وفاة والدي، اضطررت للعمل لمساعدة أمي". كريم هو واحد من آلاف الأطفال الذين اضطروا لترك التعليم، والعمل في الشوارع بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
أما زينب، فتاة في العشرين من عمرها، فكانت تعيش في الشارع منذ صغرها. تقول: "كنت أبيع المناديل في إشارات المرور، وتعرضت للعديد من المضايقات". زينب الآن تحاول بناء حياة جديدة بعد أن تلقت الدعم من إحدى الجمعيات الأهلية.
نحو مستقبل أفضل:
بينما تستمر جهود الدولة والمجتمع المدني لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع، يظل استغلالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحديًا جديدًا يتطلب وعيًا مجتمعيًا، وتشريعات صارمة لحماية هؤلاء الأطفال من الانتهاكات الرقمية. إن حماية حقوق الأطفال يجب أن تكون أولوية قصوى، ويجب على الجميع التعاون لضمان مستقبل أفضل لهم.